الموسوعة الخبرية الاولى في العراق تأسست عام 2000 م

أخذ البيعة
أضيف بواسـطة
النـص : بقلم مجاهد منعثر منشد اهتزَّ كيانُهُ فزعًا , فكتب إلى عاملِهِ الوليد بن عتبة: أَمَّا بَعدُ، فَخذْ حُسينًا وعبدَ الله بن عمر، وعبدَ الله بن الزبير بالبيعة أَخذًا شديدًا ليست فيه رخصةٌ حتَّى يبايعوا، أمَّا الحسينُ فإنْ أَبَى , فاضربْ عُنَقَهُ وابعثْ إليَّ برأسِهِ والسلام! ليلة السبت لثلاث بقينَ من رجب سنة ستين, ارتعش الوليدُ وهو يقرأ رسالة يزيد, ويفتحُ جفنيه بقوةٍ كلَّما استعاد قراءتها: فأضربْ عنقَهُّ!. قررَّ أَلَّا يتهوَّر محدِّثًا نفسَهُ , يابنَ العمِّ أَيّها الخمَّار تريدُ الخلاصَ مِن ابن بنتِ رسولِ الله بيدي , هيهاتَ سألاعبك! مروان يرى نفسه أَرجحُ من يزيد . وسخط معاوية , لنشركه في الرأي , نادى الحاجب : هَلُمَّ إليَّ بمروان بن الحكم . سألَهُ كيفَ ترى أَن أَصنع؟ ـ لصق شفتيه , هم بالسلطة , فرصتك يامروان لتضرب حجرًا بعصفورين, وتفرغ الساحة لك ولابنك , نطق : الحسينُ لا يقبل ,ابعث الساعة لهؤلاء النَّفرِ, فإنْ فعلوا قبلت، وإنْ أَبوا ضربت أَعناقهم قبل أَن يعلموا بموت معاوية. ـ تأمل بالرأي , ردد بعقله : هيهات يابن مغنية الحي , أضربُ عنقَهُ , ليتني لم أَكُ شيئًا مذكورًا. التفت إلى الحاجب: ارسلْ غلامًا إلى الحسين في مسجد جده ليأتيني الليلة . سارَ مسرعًا وقف بين عبد الله بن الزبير والحسين قائلا : أَجيبا الأمير. ـ الآن نأتيه , انصرف . استدار ابنُ الزبير بوجهه نحو الحسين سأله مستغربا : ما تظنُّ فيما بعث إلينا؟ ـ طاغيتهم قد هلك، وقد بعث هذا إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشوا الخبر. فما تريد أن تصنع؟ ـ أجمعُ الساعة من أهل بيتي وموالي ثلاثين رجلًا , ثم أسير إليه. أَما أَنا ياسبطَ النَّبيِّ , سأكمنُ بداري من الليلة , وأصطحب أخي جعفر, وأغادرُ متنكرًا إلى مكة . أَخبرَ الحسينُ فتيته فتدججوا بالسلاح , ثم أَبلغهم :إذا دخلت أجلسوا على الباب، فإنْ سمعتم صوتي قد علا ادخلوا عليه لتمنعوه عنِّي. صارَ الحسينُ في مجلس الوليد , رأى ملامح الغدر بوجه مروان, نعى الوالي رحيلَ معاوية , قرأ عليه كتابَ يزيد, وما أمره فيه من أخذ البيعة. حسَّ الإمام بخوف الوليد من الرفض , نظر لعيني مروان فرآها تتحينُ الفرصة , أَجاب الوالي : لا خيرَ في بيعة سرٍّ، والظاهرة خيرٌ، فإذا حضرَ الناسُ كان أمرًا واحدًا. ـ استبشرَ الوليدُ ودارَ في خلده لعل الحسين يختفي عن الأنظار أو يوافق ليتجنب قتله ,فأردف : أجل . تفوَّه الإمامُ : تصبحُ وترى رأيك في ذلك. ـ انصرفْ على اسم الله حتَّى تأتينا مع جماعة الناس. وفي تلك اللحظة وسوسَ الخنَّاسُ في قلب مروان لينثر شرَّهُ في فضاء مسامع الوالي : واللهِ لئن فارقك الحسينُ الساعةَ ولم يبايع, لا قدرتَ منه على مثلها أبدًا، حتى تكثر القتلى بينكم وبينه، ولكن احبس الرجلَ فلا يخرجُ من عندك حتَّى يبايع أَو تضربَ عنقَهُ. اخترقَ كلامُهُ أُذني الإمام, استدار بوجه لمروان وحرَّكَ شفتيه : ويلي عليك يا ابنَ الزرقاء ! أَنتَ تَأمرُ بضرب عنقي؟! كذبتَ واللهِ ولؤمت, واللهِ لو رام ذلك أحدٌ من الناس لسقيتُ الأرضَ من دمِهِ قبل ذلك، وإنْ شئتَ ذلك فاضربْ عنقي إنْ كنتَ صادقًا. والتفت إلى الوالي قائلا: أَيّها الأَمير إنَّا أَهلُ بيتِ النُّبوةِ، ومَعدِنُ الرسالةِ، ومُختلفُ المَلائكةِ، ومَحلُّ الرحمة, بنا فتحَ اللهُ وبنَا ختم, ويزيد رجلٌ فاسقٌ، شاربُ الخمر، قاتلُ النفس المحترمة، معلنٌ بالفسق، ومثلي لا يبايعُ مثلَهُ، ولكن نصبحُ وتصبحونَ، وننظرُ وتنظرونَ أيّنا أحقُّ بالخلافةِ والبيعةِ. صدى أَصواتٍ , صليلُ سيوفِ الفتية كالصَّاعقةِ, أَدخَلَ الرُّعبَ في القلوب , سارَ لهم الحسينُ مسرعًا , أَمَرَهُم بالانصرافِ , ثُمَّ تَوجَّه إلى قبرِ جدّه . التفتَ الوليدُ إلى مروان قائلا: أَتشيرُ عَلَيَّ بقتلِ ابنِ فاطمةَ بنتِ رسولِ اللهِ ؟؟ واللهِ إنَّ الذي يحاسبُ بدمِ الحسينِ يومَ القيامة لَخَفِيفُ المِيزانِ عندَ الله .
تاريخ الإضافـة 20/07/2023 - 06:19