الموسوعة الخبرية الاولى في العراق تأسست عام 2000 م

اغتيالات باسم الاسلام 5 من قتل الحسن؟
أضيف بواسـطة
النـص : ضمن سلسلة حوادث الاغتيالات التي توالت بعد قتل الرسول محمد بالسم يصل بنا التاريخ اليوم الي حادثة اغتيال الامام الحسن ابن علي ابن ابي طالب وابن بنت الرسول محمد السيدة فاطمة الزهراء . والحسن ابن علي يعتبر من اكثر الشخصيات التي تعرضت للظلم من قبل شيعته واعداءه . فقد تعرض للظلم من شيعته لعدم ادراكهم للأسباب التي كانت تحكم تصرفاته حتى سماه بعضهم مذل المؤمنين . اما اعداءه فقد حاولوا تشويه صورته وتلفيق الكثير من القصص عنه بل وصل الامر الى تصويره وكأنه كان معارضا لابيه علي ابن ابي طالب وقالوا عنه انه كان عثمانيا أي من انصار عثمان ابن عفان . اليوم سنتناول موضوع حادثة اغتياله وسنعرج الة مواضبع منها ، هل بايع الحسن أبا بكر وعمر؟ هل بايع الحسن معاوية ؟ لماذا لم يدفن الحسن عند جده ومن منع ذلك ؟ ومن دس السم للحسن ؟ ومن امر بذلك ؟ وكالعادة فان كافة المراجع ستكون من الكتب المعتبرة لدى من يسمون انفسهم اهل السنة والجماعة . في البداية يجب ان نوضح مكانة الحسن ابن علي عند الرسول محمد ومكانته منه فقد روى الإمام أحمد 7876 ع َنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي يَعْنِي حَسَنًا وَحُسَيْنًا ، صححه الألباني في الصحيحة 2895 . . وروى الترمذي 3768 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ وصححه الألباني في صحيح الترمذي ونكتفي بهذين الحديثين فهما يوضحان ان الرسول يقول بصريح العبارة ان من احب الحسن والحسين فقد احبه ومن ابغضهما فقد ابغضه ، فما بالك بالذي قتلهما ومنع دفنهما معه ؟ . في البداية يجب ان نثبت هل مات الحسن مسموما ام ان موته كان موتا طبيعيا باجله المحتوم فقد انكر عدد من المتاخرين ان يكون الحسن قد سقي السم ومن بينهم عثمان الخميس الذي يقول المشهور أن الحسن مات مسموما ، لكن لا يعلم إلى اليوم من الذي وضع له السم ، الله أعلم .ويعقب البعض على كلامه بالقول ولعل الراجح أنه مات كما يموت الناس موتا عاديا لم يسمّه أحد . وهنا نعرض الموضوع على كتب التراث ونرى ماذا تقول في هذا الموضوع . في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة يقول الحافظ ابن حجر يقال إنه مات مسموما ، قال ابن سعد : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : دخلت أنا وصاحب لي على الحسن بن علي فقال: لقد لفظت طائفة من كبدي وإني قد سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذا ، فأتاه الحسين بن علي فسأله من سقاك ؟ فأبى أن يخبره رحمه الله تعالى أي ان ابن حجر العسقلاني غير متأكد بدليل قوله يقال وسوف نعرف السبب لاحقا ، في خين ان ابن حجر الهيثمي في كتابه الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة ، نحقيق أبو عبدالله مصطفى بن العدوي ، الصفخة 408: وبموته مسموماً شهيداً جزم غير واحد من المتقدمين ، كقتادة وأبي بكر بن حفص ، والمتأخرين كالزين العراقي في مقدمة شرح التقريب . وقد اكد السيوطي والبلاذري ان الحسن قد مات بالسم . كما ان الذهبي يقول : قال ابن عبد البر: قال قتادة وأبو بكر بن حفص: سم الحسنَ زوجته بنت الأشعث بن قيس ، وقالت طائفة: كان ذلك بتدسيس معاوية إليها ، وبذل لها على ذلك ، وكان لها ضرائر، قلت : هذا شيء لا يصح ؛ فمن الذي اطلع عليه ؟ . يبقى السؤال من الذي دس السم للحسن ؟ أجمعت المصادر التاريخية على ان من قام بدس السم للحسن هي زوجته جعدة بنت الاشعث ابن قيس الكندي كما اكد ذلك السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء و ابن الاثير في كتابه اسد الغابة وقد حامت الشكوك بين معاوية ابن ابي سفيان وبين ابنه يزيد فقد حاول ابن خلدون ان ينفي هذه التهمه بدعوى ان هذه من احاديث الشيعة فنراه يقول وما نقل من أن معاوية دس إليه السم مع زوجته جعدة بنت الأشعث ، فهو من أحاديث الشيعة ، حاشا لمعاوية من ذلك . العبر وديوان المبتدأ والخبر 2187 . في حين نرى ان السيوطي في تاريخ الخلفاء يقول توفي الحسن رضي الله عنه بالمدينة مسموما سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس دس إليها يزيد بن معاوية أن تسمه فيتزوجها ففعلت فلما مات الحسن بعثت إلى يزيد تسأله الوفاء بما وعدها فقال : إنا لم نرضك للحسن أفنرضاك لنفسنا ؟ . وهي نفس الرواية التي يذكرها ابن كثير في البداية والنهاية . ولكن ابن تيمية يقول في كتابه منهاج السنة وأما قوله: إن معاوية سم الحسن فهذا مما ذكره بعض الناس ، ولم يثبت ذلك ببينة شرعية ، أو إقرار معتبر، ولا نقل يجزم به ، وهذا مما لا يمكن العلم به ، فالقول به قول بلا علم.منهاج السنة 4 469 . . ولكن ابن تيمية وفي نفس الكتاب ، منهاج السنة , وبعد ان انكر ان يكون معاوية او الاشعث بن قيس والد جعدة زوج الامام الحسن قد احتال اي منهما في قتل الحسن بالسم قال فإن كان قد وقع شيء من ذلك فهو من باب قتال بعضهم بعضا كما تقدم وقتال المسلمين بعضهم بعضا بتأويل وسب بعضهم بعضا بتأويل وتكفير بعضهم بعضا بتأويل باب عظيم أي انه جعل القتل تاويلا . كما ان لزمخشري في ربيع الأبرار907 ، قال: جعل معاوية لجعدة بنت الأشعث امرأة الحسن مائة ألف حتى سمته ومكث شهرين وإنه ليرفع من تحته كذا طستاً من دم . وكان يقول: سقيت السم مراراً ما أصابني فيها ما أصابني في هذه المرة لقد لفظت كبدي فجعلت أقلبها بعود كان كان في يدي. كما ذكر ابن عبد البر؛ يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي، أبو عمر في كتابه الاستيعاب في معرفة الاصحاب تحقيق محمد علي البجاوي ، منشورات دار الجيل، 1412 – 1992 ، الصفحة 389 ، قال: وقال قتادة وأبو بكر بن حفص: سُمَّ الحسن بن علي، سمّته امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي، وقالت طائفةٌ: كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها في ذلك . اذن تنحصر الجريمة بين معاوية وابنه يزيد ، وحيث ان يزيد كان شابا نزقا طائشا شاربا للخمور كما تروي معظم كتب التراث فيكون المحرض هو معاوية وخصوصا ان استخدام السم هو احد الأساليب المفضلة لدى معاوية صاحب مقولة ان لله جندا من عسل والذي لم يخفي سروره بمقتل الحسن كما يروي الالباني في السلسلة الصحيحة 2 469أخرجه أبو داود 2 186 و أحمد 4 132 و ابن عساكر 4 258 2 من طريق بقية حدثنا بجير بن سعد عن خالد بن معدان قال : و فد المقدام بن معدي كرب و عمرو بن الأسود إلى معاوية ، فقال معاوية للمقدام : أعلمت أن الحسن بن علي توفي ؟ فرجّع المقدام اي استرجع ، فقال له معاوية : أتراها مصيبة ؟ فقال : و لم لا أراها مصيبة ، و قد وضعه رسول الله في حجره و قال هذا مني و حسين من علي فذكره قلت : و هذا إسناد حسن ، رجاله ثقات ، و قال المناوي : قال الحافظ العراقي و سنده جيد ، وفي وفيات الاعيان لابن خلكان في ترجمة الامام الحسن عليه السلام : ولما بلغه اي معاوية موته اي الامام الحسن سمع تكبيرا من الحضر فكبر أهل الشام لذلك التكبير ، فقالت فاختة زوجة معاوية : أقر الله عينك يا أمير المؤمنين ما الذي كبرت له ؟ قال : مات الحسن ، قالت : أعلى موت ابن فاطمة تكبر ؟ قال : والله ما كبرت شماتة بموته ولكن استراح قلبي . وكان ابن عباس بالشام فدخل عليه ، فقال : يا ابن عباس هل تدري ما حدث في أهل بيتك ، قال : لا أدري ما حدث إلا أني أراك مستبشرا ، وقد بلغني تكبيرك وسجودك ، قال : مات الحسن اما السبب في عدم دفن الحسن عند جده الرسول فبينه ابن عساكر عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: سمعت عائشة تقول يومئذ: هذا الأمر لا يكون أبدا! يُدفن ببقيع الغرقد ولا يكون لهم رابعا، والله إنه لبيتي أعطانيه رسول الله في حياته وما دفن فيه عمر وهو خليفة إلا بأمري وما آثر علي عندنا بحسن! تاريخ دمشق ج13 ص293. وهذه نفس الرواية التي رواها كتاب سير أعلام النبلاء تاليف الذهبي؛ محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، شمس الدين، أبو عبد الله ، تحقيق حسان عبد المنان ، بيت الأفكار الدولية ، صفحة 1435 . اما السبب الذي جعل السيدة عائشة ترفض ان يدفن الحسن عند جده فقد بينته بقولها ما اثر علي عندنا بحسن . فهي لم تغفر للحسن ان اباه هو علي ابن ابي طالب الذي سجدت لله فرحا يوم مقتله كما يروي ابن سعد في كتابه الطبقات الكبرى الجزء الثالث الصفحة 38 تحقيق الدكتور منيع محمد عمر اصدار مكتبة الخانجي في القاهرة ، وكذلك ذكر ابن الاثير في كتابه الكامل في التاريخ الجزء الثالث الصفحة 259 ، تحقيق ابي الفدا عبدالله القاضي اصدار دار الكتب العلمية في بيروت وكذلك ذكر البلاذري ومسكويه الرازي في تاريخه لما انتهى إلى عائشة قتل علي رضي الله عنه قالت: فألقت عصاها واستقرت بها النّوى كما قرّ عيناً بالإياب المسافرُ فمن قتله؟ فقيل رجل من مراد فقالت: فإن يك نائيا فلقد نعاه غلام ليس في فيه التراب فقالت زينب ابنة أبي سلمة: ألعلي تقولين هذا؟ فقالت: إنّي أنسى فإذا نسيت فذكّروني . كما لم تغفر للحسن انه واجه اباها على المنبر كما ورد في كتاب جمل من أنساب الأشراف ، تاليف أحمد بن يحي بن جابر البلاذري ، تحقيق سهيل زكار و رياض زركلي، 1417 – 1997 ، الجزء الثالث ، الصفحة 278 عندما كان أبو بكر يخطب على المنبر فناداه الحسن انزل عن منبر ابي . وهي نفس الرواية التي وردت في الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي الناشر : دار الجيل – بيروت الطبعة الأولى ، 1412 تحقيق : علي محمد البجاوي عدد الأجزاء : 8 [ جزء 2 صفحة 77 ] وقال يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبيد بن حنين حدثني الحسين بن علي قال أتيت عمر وهو يخطب على المنبر فصعدت إليه فقلت انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك فقال عمر لم يكن لأبي منبر وأخذني فأجلسني معه أقلب حصى بيدي فلما نزل انطلق بي إلى منزله فقال لي من علمك قلت والله ما علمني أحد قال بأبي لو جعلت تغشانا قال فأتيته يوما وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب فرجع بن عمر فرجعت معه فلقيني بعد قلت فقال لي لم أرك قلت يا أمير المؤمنين إني جئت وأنت خال بمعاوية فرجعت مع بن عمر فقال أنت أحق بالإذن من بن عمر فإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم سنده صحيح . وهذا يبين ان الحسن والحسين كانا يرفضان بيعة أبو بكر وعمر فهل يقبلان ببيعة معاوية ؟ . هنا نصل الى الرواية التي حاول المتأسلمون ان يشوهوا بها وجه الامام الحسن بادعاء ان النبي قال عنه ان ابني هذا سيد وسوف يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فهل يصح هذا الحديث ؟ وهل كان علي ابن ابي طالب واصحابه يرون معاوية واصحابه من المسلمين ؟ لو سألنا عمار ابن ياسر الذي بشره الرسول انه ستقتله الفئة الباغية نجد ان الطبري يقول في كتابه تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار المعارف، 1387 – 1967، الجزء الخامس الصفحة 38 يقول ما حدث به عبد الملك بن أبي حرة الحنفي، أن عمار بن ياسر خرج إلى الناس، فقال: اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن رضاك في أن أقذف بنفسي في هذا البحر لفعلته، اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن رضاك في أن أضع ظبة سيفي في صدري ثم أنحني عليها حتى تخرج من ظهرت لفعلت، وإني لا أعلم اليوم عملاً هو أرضى لك من جهاد هؤلاء الفاسقين، ولو أعلم أن عملاً من الأعمال هو أرض لك منه لفعلته . أي ان علي واصحابه كانوا يرون ان جهاد معاوية واصحابه أرضى لله من أي عمل اخر . فهل بايع الحسن معاوية ؟ في كتاب البلاذري جملة انساب الاشراف الصفحة 287 الجزء 3 نجد نص الوثيقة التي وقعها الحسن مع معاوية والتي ذكرها البلاذري بقوله دفع معاوية إلى الحسن صحيفة بيضاء وقد ختم في أسفلها وقال له: اكتب فيها ما شئت. فكتب الحسن : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما صالح عليه الحسن بن علي معاوية بن أبي سفيان، صالحه على ان يسلّم إليه– إلى معاوية ولاية أمر المسلمين على أن يعمل فيها بكتاب الله وسنة نبيّه وسيرة الخلفاء الصالحين وعلى أنه ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده، وأن يكون الأمر شورى.والناس آمنون حيث كانوا على أنفسهم وأموالهم وذراريهم.وعلى أن لا يبغي للحسن ابن علي غائلة سراً ولا علانية، وعلى أن لا يخيف أحداً من أصحابه. شهد عبد الله بن الحرث، وعمرو بن سلمة.وردّهما إلى معاوية ليشهد بما في الكتاب ويشهدا عليه . وكما نرى ان ليس فيها أي ذكر للبيعه فالحسن يخاطب معاوية باسمه دون القاب كما ان البلاذري يروي في الصفحة 289 من كتابه ثم إن الحسن شخص إلى المدينة وشيعه معاوية إلى قنطرة الحيرة وخرج على معاوية خارجي فبعث إلى الحسن من لحقه بكتاب يأمره فيه أن يرجع فيقاتل الخارجي وهو ابن الحوساء الطائي، فقال الحسن: تركت قتالك وهو لي حلال لصلاح الأمة وألفتهم أفتراني أقاتل معك . أي ان الحسن وقع هدنة مع معاوية شبيهه بالهدنة التي وقعها الرسول مع المشركين في الحديبية ولو كانت بيعه لكان لزام عليه ان يطيع من بايعه . اذن مما تقدم نجد ان اغتيال الحسن كان حلقة في سلسلة الاغتيالات التي بدأت باغتيال الرسول مرورا باغتيال السيدة فاطمة الزهراء ثم زوجها علي ابن ابي طالب واستمرت من اجل التمهيد لوصول بني امية للحكم .
تاريخ الإضافـة 02/11/2020 - 18:43