| النـص : جعفر الكتبي
يصور هامسون في رواية الجوع أديباً يعتاش على ما تجود به الصحف نظير افكاره التي يسطرها على الورق ، وبالتأكيد فان أغلب مقالاته لا تجد قبولاً لدى القائمين على الصحف ، فتبدأ ثروته بالتناقص حد العوز ، ليدخل بعدها في صراع بين كبرياءه وغرائزه ، لتنتصر نفسه الابية أغلب الاحيان.
وفي خضم جوعه وتشرده تخطف قلبه انثى رآها مرة صدفة ، وقد أثار انتباهها فبحثت عنه حتى وجدته ، لكنه فشل في الاستمرار بهذا الحب ككل مرة يفشل فيها في تحقيق شيء جديد.
وتتخلل الرواية بعض الجدليات مع الاعتقاد ، حيث يتكلم الاديب مع خالقه بعبارات متوسلة مرة ومتهكمة مرة ، كونه مثالي كما يظن نفسه ، لكن الخالق يحاربه بشتى السبل.
ان اسلوب الكاتب يشرح الحالات النفسية التي يسببها الجوع لشخص يفترض كونه مثقفا لهو غاية الابداع ، حيث غلب على الرواية اسلوب السرد الذاتي الذي يوضح التصرفات التي يقوم بها بطل الرواية بسبب محاصرة الجوع له مع قدرته على الاحتمال التي يغذيها كبرياءه الذي يصل حد الغرور.
الحقيقة ان الرواية تجعلك في سباق مع بطلها ، تلهث خلفه متفاجئاً معه بتصرفات الاخرين اللا انسانية ، وتصرفاته هو اللا مسؤولة.
عنصر الجذب الاخر في الرواية هو مخالفة احداثها للتوقعات دوماً، حيث يمزج الكاتب بين الواقعية والخيال بطريقة ذكية تجعل من احداثها مفاجئة للقاريء، مما يدفعه للاستمرار خلف البطل في تحديه للواقع والجنون بنفس الوقت.
حاز المؤلف على جائزة نوبل للادب عام ١٩٢٠ وهذا مؤشر كبير على تميز اسلوب الكاتب وطرح الافكار الجريئة في عصره ، علماً ان الصراع الذي بينه في روايته لا زال قائماً حتى اليوم.
وختاماً أقول ان رواية الجوع تستحق ان تقضي معها وقتاً ممتعاً قد لا تجده مع رواية اخرى. |
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النهرين للثقافة والإعلام © www.nahrain.com 2000-2019