أهمية الوحدة الإسلامية في ظل عالمنا المعاصر ---------------------------------- فؤاد الموسوي إن من بركات الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني رضي الله عنه انها إستعادت جملة من المفاهيم و الشعائر إلى صلب حياتنا و من هذه المفاهيم و المصطلحات التي استعادتها الثورة إلى حياة الأمة بعد أن كانت تنزوي و تنفصل بصورة تدريجية عن حياتنا السياسية و الإجتماعية هي الوحدة الإسلامية . إن الثورة الاسلامية استعادت مسألة الوحدة و كرستها من جديد و اعطتها بعداً سياسياً و وضعتها على اصول صحيحة و اخرجتها من إطار الشعار المجرد و غذتها و عززتها بالاصول التي تمكن هذا الشعار من أن يحقق واقعاً عملياً في عالمنا المعاصر . فالوحدة الإسلامية عندما تتجرد من اصولها و جذورها لن تحقق واقع إجتماعي و إسلامي في حياة الأمة في ضوء هذا المفهوم . إن الثورة الإسلامية وضعت الوحدة على اساس ذي بعدين ؛ البعد الأول هو الولاء و هذا هو الوجه الإيجابي أما البعد الثاني فهو البرائة و هذا هو الوجه السلبي. الولاء هنا يعني الولاء لله و لرسوله و للمؤمنين و لأئمة المسلمين ، أما البرائة فهي البرائة من أعداء الله و مكافحة أعداء الله و البرائة من قيمهم و عاداتهم وتقاليدهم . إذن لا يمكن للوحدة الإسلامية أن تكون ذات قيمة سياسية و إجتماعية إلا إذا اعتمدت على هذين البعدين . و لكن كيف يتم ذلك ؟ الجواب على هذا السؤال هو إن الولاء يشد الناس جميعاً برسوله و بأئمة المسلمين و يشد بعضهم إلى بعض و يكون منهم كتلة متماسكة متراصة متعاونة على البر و التقوى معتصمة بحبل الله المتين ، و إن هذه الكتلة متميزة عن كتل أعداء الله و عن كل ولاء لغير الله و رسوله و غير المؤمنين . قال تعالى في كتابه الكريم : الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور و الذين كفروا أوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات . هذه الاية المباركة تبين لنا بأن الله هو ولي للمومنين الصادقين المخلصين أما الكافرون فليس لهم ولي أو نصير إلا الطاغوت . فالطاغوت مهمته مهمة معاكسة لرسالة الله التي هدفها هو إخراج الصالحين من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام و ألحق و العدل و الايمان . فالولاء الصحيح لا يمكن أن يكون إلا بالبرائة من أعداء الله و البرائة من أفعالهم المخالفة للفطرة الإنسانية . من هنا يتبين لنا إنه إذا اتحدت الأمة و انشد بعضها ببعض و تماسكت بداخلها بحبل من الله و رسوله ، فهذه الامة لا بد و أن تنفصل عن الفئات الكافرة الملحدة بالله . فالوحدة الإسلامية إذا اعتمدت على هذا الاساس فانها ستتحول إلى حقيقة واقعية ذات ثمار طيبة في حياتنا اليومية . هناك معنى آخر للوحدة هو الإجتماع ، أي أن نجتمع على الولاء و التعاون و التفاهم و التواصي بالحق و الصبر و على تطهير قلوب و أفكار المسلمين من ثقافة الجاهلية و العصبية و المذهبية و التطرف و العنصرية ، و هذا هو الاساس الصحيح للوحدة الإسلامية . بالاضافة إلى ذلك، يجب أن نطرح إلى جانب الوحدة الإسلامية مشاريع البرائة من أعداء الله و كشف مؤامراتهم و مخططاتهم الخبيثة التي تستهدف و حدة المسلمين و تماسكهم و اجتماعهم على كلمة واحدة تحت شعار واحد هو لا إله إلا الله محمد رسول الله . لقد أعطى الإسلام قيمة كبيرة للوحدة الإسلامية و إهتم بها كثيراً و جعلها أصلاً من أصول الدين ؛ حيث أعطى الاسلام قيمة كبيرة و كرامة و حصانة للمسلم بغض النظر عن انتمائه المذهبي ما دام يشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله . و هناك أحاديث شريفة عن النبي ص و عن أهل بيته الأطهار ع التي تتحدث عن حرمة المسلم . فقد قال رسول الله ص مخاطباً الكعبة حرمة المؤمن أعظم عند الله منك و قال أيضاً : و الذي نفس محمد بيده كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه .و هذا يبين لنا بأن حرمة المؤمن هي أعظم من حرمة الكعبة . و روى المفيد في الإختصار عن الإمام الصادق ع إنه قال : و الله إن المؤمن لاعظم حقا من الكعبة . فعندما نريد أن نبني الوحدة يحب أن نبنيها على هذا الاساس الذي يتمثل في إحترام المسلم لأخيه المسلم بغض النظر عن الإنتماء المذهبي و الطائفي ، عند ذلك يمكن لنا أن نبني جسداً إسلامياً واحداً ذا قلباً واحداً و روحاً واحدة و يداً واحدة تعمل من أجل الخير و العدل و السلام و الحب للإنسانية جمعاء . في عصرنا الراهن الذي إنتشرت و تكاثرت فيه الفتن و الفرقة و الاحقاد و أصبح فيه سفك الدماء و هتك الاعراض و نهب الأموال على اساس طائفي و مذهبي ، نحن بأحوج ما نكون إليه من أي وقت مضى إلى هذه الوحدة و هذا التماسك و الاعتصام بحبل الله وحده و عدم اللجوء إلى أعداء الله لحل مشاكلنا السياسية و الاقتصادية و الإجتماعية لأنهم بذلك لا يزيدون الطين إلا بلة و لا يزيدون النار إلا لهيباً . بالاضافة إلى ما تقدم ، نود إن نشير إلى نقطه مهمة و هي إن الإسلام لم يحفظ دماء و كرامة الإنسان المسلم فحسب و انما حرم قتل النفس البشرية بغير حق من كل الطوائف و الاديان بما في ذلك النصارى و اليهود والصابئة و المجوس و غيرهم حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة المائدة اية ٣٢ : من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا . هذه الآية تبين لنا إن الاسلام قد أكد بوضوح على قدسية حياة الانسان و صان كرامته و منحه قيمة كبيرة جداً عندما ذكر بأن قيمة نفس بشرية واحدة تعادل قيمة كل الناس في العالم أي إنه عندما يقدم الإنسان على إرتكاب جريمة قتل إنسان بريء بدون حق ، فإن عقابه عند الله سيكون بمثابة قتل جميع الناس و هذا بحد ذاته يعتبر من أكبر الجرائم و الموبقات التي يندى لها جبين الإنسانية و تهتز لها الضمائر الحية . ---------------------------------- مقـالات فكري أضيف بواسـطة : فؤاد الموسوي تاريخ الإضافـة : 11/12/2016 - 09:14 آخـر تحديـث : التعليقـات : 0 رابط المحتـوى : https://nahrain.com/content.php?id=45054 رقم المحتوى : 45054 ---------------------------------- موسـوعة النهريـن nahrain.com